وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ (15)

قوله تعالى : خلق الإنسان لما ذكر سبحانه خلق العالم الكبير من السماء والأرض ، وما فيهما من الدلالات على وحدانيته وقدرته ذكر خلق العالم الصغير فقال : خلق الإنسان باتفاق من أهل التأويل يعني آدم .
من صلصال كالفخار الصلصال الطين اليابس الذي يسمع له صلصلة ، شبهه بالفخار الذي طبخ . وقيل : هو طين خلط برمل . وقيل : هو الطين المنتن - من صل اللحم وأصل - إذا أنتن ، وقد مضى في ( الحجر ) . وقال هنا : من صلصال كالفخار ، وقال هناك : من صلصال من حمإ مسنون ، وقال : إنا خلقناهم من طين لازب ، وقال : كمثل آدم خلقه من تراب وذلك متفق المعنى ، وذلك أنه أخذ من تراب الأرض فعجنه فصار طينا ، ثم انتقل فصار كالحمإ المسنون ، ثم انتقل فصار صلصالا كالفخار .
وخلق الجان من مارج من نار قال الحسن : الجان إبليس وهو أبو الجن . وقيل : الجان واحد الجن ، والمارج اللهب ، عن ابن عباس ، وقال : خلق الله الجان من خالص النار . وعنه أيضا من لسانها الذي يكون في طرفها إذا التهبت . وقال الليث : المارج الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد . وعن ابن عباس أنه اللهب الذي يعلو النار فيختلط بعضه ببعض أحمر وأصفر وأخضر ، ونحوه عن مجاهد ، وكله متقارب المعنى . وقيل : المارج كل أمر مرسل غير ممنوع ، ونحوه قول المبرد ، قال المبرد : المارج النار المرسلة التي لا تمنع . وقال أبو عبيدة والحسن : المارج خلط النار ، وأصله من مرج إذا اضطرب واختلط ، ويروى أن الله تعالى خلق نارين فمرج إحداهما بالأخرى ، فأكلت إحداهما الأخرى وهي نار السموم فخلق منها إبليس . قال القشيري والمارج في اللغة المرسل أو المختلط وهو فاعل بمعنى مفعول ، كقوله : ماء دافق وعيشة راضية والمعنى ذو مرج ، قال الجوهري في الصحاح : ومارج من نار : نار لا دخان لها خلق منها الجان .
وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ (15)

وقوله: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) يقول تعالى ذكره: وخلق الجانّ من مارج من نار، وهو ما اختلط بعضه ببعض، من بين أحمر، وأصفر &; وأخضر من قولهم: مَرج أمر القوم: إذا اختلط، ومن قول النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لعبد الله بن عمرو: " كَيْفُ بِكَ إذَا كُنْتَ فِي حُثالَةٍ مِنَ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وأماناتُهُمْ ! وَذلكَ هُوَ لَهَبُ النَّارِ وَلِسانُهُ".
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عبد الله بن يوسف الجبيريّ أبو حفص، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثنا مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)، قال: من أوسطها وأحسنها.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) يقول: خلقه من لهب النار، من أحسن النار.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) يقول: خالص النار.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك عن ابن عباس، قال: خلقت الجنّ الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت.
حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة، في قوله: (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)، قال: من أحسن النار.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)، قال: اللهب الأصفر والأخضر، الذي يعلو النار إذا أوقدت.
وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله، إلا أنه قال: والأحمر.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)، قال: هو اللهب المنقطع الأحمر.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الضحاك، في قوله: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)، قال: أحسن النار.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)، قال: من لهب النار.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) : أي من لهب النار.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، في قوله: (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) قال: من لهب النار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال: ابن زيد، في قوله: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) قال: المارج: اللهب.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوام، عن قتادة (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) قال: من لهب من نار.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features