يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)

قوله تعالى : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك المراد بالإنسان الجنس أي يا بن آدم . وكذا روى سعيد عن قتادة : يا بن آدم ، إن كدحك لضعيف ، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ولا قوة إلا بالله . وقيل : هو معين ، قال مقاتل : يعني الأسود بن عبد الأسد ويقال : يعني أبي بن خلف . ويقال : يعني جميع الكفار ، أيها الكافر إنك كادح . والكدح في كلام العرب : العمل والكسب ; قال ابن مقبل :
وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
وقال آخر :
ومضت بشاشة كل عيش صالح وبقيت أكدح للحياة وأنصب
أي أعمل . وروى الضحاك عن ابن عباس : إنك كادح أي راجع إلى ربك كدحا أي رجوعا لا محالة فملاقيه أي ملاق ربك . وقيل : ملاق عملك . القتبي إنك كادح أي عامل ناصب في معيشتك إلى لقاء ربك . والملاقاة بمعنى اللقاء أن تلقى ربك بعملك . وقيل أي تلاقي كتاب عملك ; لأن العمل قد انقضى ولهذا قال :
يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6)
يقول تعالى ذكره: يأيُّها الإنسان إنك عامل إلى ربك عملا فملاقيه به خيرًا كان عملك ذلك أو شرًا، يقول: فليكن عملك مما يُنجيك من سُخْطه، ويوجب لك رضاه، ولا يكن مما يُسخطه عليك فتهلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ ) يقول: تعمل عملا تلقى الله به خيرًا كان أو شرًّا .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ ) إن كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل، ولا قوّة إلا بالله .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا ) قال: عامل له عملا .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسمعته يقول في ذلك: ( إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا ) قال: عامل إلى ربك عملا قال: كدحا: العمل.
يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)

[يَا أَيُّهَاالْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ } أي: إنك ساع إلى الله، وعامل بأوامره ونواهيه، ومتقرب إليه إما بالخير وإما بالشر، ثم تلاقي الله يوم القيامة، فلا تعدم منه جزاء بالفضل إن كنت سعيدًا، أو بالعدل إن كنت شقيًا .
يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)

ومعنى قوله : ( كادح إلى ربك كدحا ) أي ساع إليه في عملك ، والكدح : عمل الإنسان وجهده في الأمر من الخير والشر حتى يكدح ذلك فيه ، أي يؤثر . وقال قتادة والكلبي والضحاك : عامل لربك عملا ( فملاقيه ) أي ملاقي جزاء عملك خيرا كان أو شرا .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features