إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)

قوله تعالى : إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات أي حرقوهم بالنار . والعرب تقول : فتن فلان الدرهم والدينار إذا أدخله الكور لينظر جودته . ودينار مفتون . ويسمى الصائغ الفتان ، وكذلك الشيطان ، وورق فتين ، أي فضة محترقة . ويقال للحرة فتين ، أي كأنها أحرقت حجارتها بالنار ، وذلك لسوادها .
ثم لم يتوبوا أي من قبيح صنيعهم مع ما أظهره الله لهذا الملك الجبار الظالم وقومه من الآيات والبينات على يد الغلام .
فلهم عذاب جهنم لكفرهم . ولهم عذاب الحريق في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار . وقد تقدم عن ابن عباس . وقيل : ولهم عذاب الحريق أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين . وقيل : لهم عذاب ، وعذاب جهنم الحريق . والحريق : اسم من أسماء جهنم ; كالسعير . والنار دركات وأنواع ولها أسماء . وكأنهم يعذبون بالزمهرير في جهنم ، ثم يعذبون بعذاب الحريق . فالأول عذاب ببردها ، والثاني عذاب بحرها .
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)

وقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) يقول: إن الذين ابْتَلَوُا المؤمنين والمؤمنات بالله بتعذيبهم، وإحراقهم بالنار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) حرّقوا المؤمنين والمؤمنات.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا ) قَالَ: عَذَّبُوا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) قال: حرّقوهم بالنار.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) يقول: حرّقوهم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) حرّقوهم.
وقوله: ( ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ) يقول: ثم لم يتوبوا من كفرهم وفعلهم الذي فعلوا بالمؤمنين والمؤمنات من أجل إيمانهم بالله ( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ) في الآخرة ( وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) في الدنيا.
كما حُدثت عن عمار، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع ( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ) في الآخرة ( وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) في الدنيا.
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)

( إن الذين فتنوا ) عذبوا وأحرقوا ( المؤمنين والمؤمنات ) يقال : فتنت الشيء إذا أحرقته ، نظيره " يوم هم على النار يفتنون " ( الذاريات - 13 ( ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ) بكفرهم ( ولهم عذاب الحريق ) بما أحرقوا المؤمنين . وقيل : ولهم عذاب الحريق [ في الدنيا ، وذلك أن الله أحرقهم بالنار التي ] أحرقوا بها المؤمنين ، ارتفعت إليهم من الأخدود ، قاله الربيع بن أنس والكلبي .
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)

ثم وعدهم، وأوعدهم، وعرض عليهم التوبة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } أي: العذاب الشديد المحرق.
قال الحسن رحمه الله: انظروا إلى هذا الكرم والجود، هم قتلوا أولياءه وأهل طاعته، وهو يدعوهم إلى التوبة.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features