وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)

قوله تعالى : والشفع والوتر
( الشفع ) : الاثنان ، ( والوتر ) : الفرد . واختلف في ذلك فروي مرفوعا عن عمران بن الحصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الشفع والوتر : الصلاة ، منها شفع ، ومنها وتر " . وقال جابر بن عبد الله : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : والفجر وليال عشر - قال : هو الصبح ، وعشر النحر ، والوتر يوم عرفة ، والشفع : يوم النحر " . وهو قول ابن عباس وعكرمة . واختاره النحاس ، وقال : حديث أبي الزبير عن جابر هو الذي صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أصح إسنادا من حديث عمران بن حصين . فيوم عرفة وتر ; لأنه تاسعها ، ويوم النحر شفع ; لأنه عاشرها . وعن أبي أيوب قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى : والشفع والوتر فقال : " الشفع : يوم عرفة ويوم النحر ، والوتر ليلة يوم النحر " . وقال مجاهد وابن عباس أيضا : الشفع خلقه ، قال الله تعالى : وخلقناكم أزواجا والوتر هو الله - عز وجل - . فقيل لمجاهد : أترويه عن أحد ؟ قال : نعم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ونحوه قال محمد بن سيرين ومسروق وأبو صالح وقتادة ، قالوا : الشفع : الخلق ، قال الله تعالى : ومن كل شيء خلقنا زوجين : الكفر والإيمان ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلال ، والنور والظلمة ، والليل والنهار ، والحر والبرد ، والشمس والقمر ، والصيف والشتاء ، والسماء والأرض ، والجن والإنس . والوتر : هو الله - عز وجل - ، قال جل ثناؤه : قل هو الله أحد الله الصمد . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن لله تسعة وتسعين اسما ، والله وتر يحب الوتر .
وعن ابن عباس أيضا : الشفع : صلاة الصبح " والوتر : صلاة المغرب . وقال الربيع بن أنس وأبو العالية : هي صلاة المغرب ، الشفع فيها ركعتان ، والوتر الثالثة . وقال ابن الزبير : الشفع : يوما منى : الحادي عشر ، والثاني عشر . والثالث عشر الوتر قال الله تعالى : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه . وقال الضحاك : الشفع : عشر ذي الحجة ، والوتر : أيام منى الثلاثة . وهو قول عطاء . وقيل : إن الشفع والوتر : آدم وحواء ; لأن آدم كان فردا فشفع بزوجته حواء ، فصار شفعا بعد وتر . رواه ابن أبي نجيح ، وحكاه القشيري عن ابن عباس . وفي رواية : الشفع : آدم وحواء ، والوتر هو الله تعالى . وقيل : الشفع والوتر : الخلق ; لأنهم شفع ووتر ، فكأنه أقسم بالخلق . وقد يقسم الله تعالى بأسمائه وصفاته لعلمه ، ويقسم بأفعاله لقدرته ، كما قال تعالى : وما خلق الذكر والأنثى . ويقسم بمفعولاته ، لعجائب صنعه كما قال : والشمس وضحاها ، والسماء وما بناها ، والسماء والطارق . وقيل : الشفع : درجات الجنة ، وهي ثمان . والوتر ، دركات النار ; لأنها سبعة . وهذا قول الحسين بن الفضل كأنه أقسم بالجنة والنار . وقيل : الشفع : الصفا والمروة ، والوتر : الكعبة . وقال مقاتل بن حيان : الشفع : الأيام والليالي ، والوتر : اليوم الذي لا ليلة بعده ، وهو يوم القيامة . وقال سفيان بن عيينة : الوتر : هو الله ، وهو الشفع أيضا لقوله تعالى : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم . وقال أبو بكر الوراق : الشفع : تضاد أوصاف المخلوقين : العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوة والضعف ، والعلم والجهل ، والحياة والموت ، والبصر والعمى ، والسمع والصمم ، والكلام والخرس . والوتر : انفراد صفات الله تعالى : عز بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا موت ، وبصر بلا عمى ، وكلام بلا خرس ، وسمع بلا صمم ، وما وازاها .
وقال الحسن : المراد بالشفع والوتر : العدد كله ; لأن العدد لا يخلو عنهما ، وهو إقسام بالحساب . وقيل : الشفع : مسجدي مكة والمدينة ، وهما الحرمان . والوتر : مسجد بيت المقدس . وقيل : الشفع : القرن بين الحج والعمرة ، أو التمتع بالعمرة إلى الحج . والوتر : الإفراد فيه . وقيل : الشفع : الحيوان ; لأنه ذكر وأنثى . والوتر : الجماد . وقيل : الشفع : ما ينمى ، والوتر : ما لا ينمى . وقيل غير هذا . وقرأ ابن مسعود وأصحابه والكسائي وحمزة وخلف ( والوتر ) بكسر الواو . والباقون ( بفتح الواو ) ، وهما لغتان بمعنى واحد . وفي الصحاح : الوتر ( بالكسر ) : الفرد ، والوتر ( بفتح الواو ) : الذحل . هذه لغة أهل العالية . فأما لغة أهل الحجاز فبالضد منهم . فأما تميم فبالكسر فيهما .
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)

( والشفع والوتر ) قرأ حمزة ، والكسائي : " الوتر " بكسر الواو ، وقرأ الآخرون بفتحها ، واختلفوا في الشفع والوتر . قيل : " الشفع : الخلق ، قال الله تعالى : " وخلقناكم أزواجا " و " الوتر " هو الله - عز وجل - . روي ذلك عن [ ابن مسعود وعن ] أبي سعيد الخدري ، وهو قول عطية العوفي .
وقال مجاهد ومسروق : " الشفع " الخلق كله ، كما قال الله تعالى : " ومن كل شيء خلقنا زوجين " ( الذاريات - 49 ) الكفر والإيمان ، والهدى والضلالة ، والسعادة والشقاوة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والبر والبحر ، والشمس والقمر ، والجن والإنس ، والوتر هو الله - عز وجل - ، قال الله تعالى : " قل هو الله أحد " ( الإخلاص - 1 ) .
قال الحسن وابن زيد : " الشفع والوتر " الخلق كله ، منه شفع ، ومنه وتر .
وروى قتادة عن الحسن قال : هو العدد منه شفع ومنه وتر . وقال قتادة : هما الصلوات منها شفع ومنها وتر . وروى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعا ، وروى عطية عن ابن عباس : الشفع صلاة الغداة ، والوتر صلاة المغرب .
وعن عبد اللهبن الزبير قال : " الشفع " يوم النفر الأول ، و " الوتر " يوم النفر الأخير . روي أن رجلا سأله عن الشفع والوتر والليالي العشر ؟ فقال : أما الشفع والوتر : فقول الله - عز وجل - : " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " ( البقرة - 203 ) فهما الشفع والوتر ، وأما الليالي العشر : فالثمان وعرفة والنحر .
وقال مقاتل بن حيان : " الشفع " الأيام والليالي ، و " الوتر " اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة .
وقال الحسين بن الفضل : " الشفع " درجات الجنة لأنها ثمان ، و " الوتر " دركات النار لأنها سبع ، كأنه أقسم بالجنة والنار .
وسئل أبوبكر الوراق عن الشفع والوتر فقال : " الشفع " تضاد [ أخلاق ] المخلوقين من العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوة والضعف ، والعلم والجهل ، والبصر والعمى ، و " الوتر " انفراد صفات الله عز بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا ممات .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features