قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ۚ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)

قوله تعالى : قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم تحليل اليمين كفارتها . أي إذا أحببتم استباحة المحلوف عليه ، وهو قوله تعالى في سورة " المائدة " : فكفارته إطعام عشرة مساكين . ويتحصل من هذا أن من حرم شيئا من المأكول والمشروب لم يحرم عليه عندنا ، لأن الكفارة لليمين لا للتحريم على ما بيناه . وأبو حنيفة يراه يمينا في كل شيء ، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه ، فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكله ، أو أمة فعلى وطئها ، أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية ، وإن نوى الظهار فظهار ، وإن نوى الطلاق فطلاق بائن . وكذلك إن نوى ثنتين أو ثلاثا . وإن قال : نويت الكذب دين فيما بينه وبين الله تعالى . ولا يدين في القضاء بإبطال الإيلاء . وإن قال : كل حلال عليه حرام ; فعلى الطعام والشراب إذا لم ينو ، وإلا فعلى ما نوى . ولا يراه الشافعي يمينا ولكن سببا في الكفارة في النساء وحدهن . وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده ، على ما تقدم بيانه . فإن حلف ألا يأكله حنث ويبر بالكفارة .
الثانية : فإن حرم أمته أو زوجته فكفارة يمين ، كما في صحيح مسلم عن ابن عباس قال : إذا حرم الرجل عليه امرأته ، فهي يمين يكفرها . وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .
الثالثة : قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم كفر عن يمينه . وعن الحسن : لم يكفر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وكفارة اليمين في هذه السورة إنما أمر بها الأمة . والأول أصح ، وأن المراد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . ثم إن الأمة تقتدي به في ذلك . وقد قدمنا عن زيد بن أسلم أنه عليه السلام كفر بعتق رقبة . وعن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية . والله أعلم . وقيل : أي قد فرض الله لكم تحليل ملك اليمين ، فبين في قوله تعالى : ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له أي فيما شرعه له في النساء المحللات . أي حلل لكم ملك الأيمان ، فلم تحرم مارية على نفسك مع تحليل الله إياها لك . وقيل : تحلة اليمين الاستثناء ، أي فرض الله لكم الاستثناء المخرج عن اليمين . ثم عند قوم يجوز الاستثناء من الأيمان متى شاء وإن تحلل مدة . وعند المعظم لا يجوز إلا متصلا ، فكأنه قال : استثن بعد هذا فيما تحلف عليه . وتحلة اليمين تحليلها بالكفارة ، والأصل تحللة ، فأدغمت . وتفعلة من مصادر فعل ; كالتسمية والتوصية . فالتحلة تحليل اليمين . فكأن اليمين عقد ، والكفارة حل . وقيل : التحلة الكفارة ; أي إنها تحل للحالف ما حرم على نفسه ; أي إذا كفر صار كمن لم يحلف .
" والله مولاكم " وليكم وناصركم بإزالة الحظر فيما تحرمونه على أنفسكم ، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفارة ، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة .
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ۚ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)

( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) أي بين وأوجب أن تكفروها إذا حنثتم وهي ما ذكر في سورة المائدة ( والله مولاكم ) وليكم وناصركم ( وهو العليم الحكيم )
واختلف أهل العلم في لفظ التحريم ، فقال قوم : ليس هو بيمين ، فإن قال لزوجته : أنت علي حرام ، أو حرمتك ، فإن نوى به طلاقا فهو طلاق ، وإن نوى به ظهارا فظهار . وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين بنفس اللفظ . وإن قال ذلك لجاريته فإن نوى عتقا عتقت ، وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين ، وإن قال لطعام : حرمته على نفسي فلا شيء عليه ، وهذا قول ابن مسعود وإليه ذهب الشافعي .
وذهب جماعة إلى أنه يمين ، فإن قال ذلك لزوجته أو جاريته فلا تجب عليه الكفارة ما لم يقربها كما لو حلف أن لا يطأها . وإن حرم طعاما فهو كما لو حلف أن لا يأكله ، فلا كفارة عليه ما لم يأكل ، يروى ذلك عن أبي بكر وعائشة وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة رضي الله عنه :
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا معاذ بن فضالة ، حدثنا هشام عن يحيى ، عن ابن حكيم ، وهو يعلى بن حكيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في الحرام : يكفر . وقال ابن عباس : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " ( الأحزاب - 21 ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features