إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4)

( إن تتوبا إلى الله ) أي من التعاون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيذاء . يخاطب عائشة وحفصة ( فقد صغت قلوبكما ) أي زاغت ومالت عن الحق واستوجبتما التوبة . قال ابن زيد : مالت قلوبهما بأن سرهما ما كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اجتناب جاريته .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن عبد الله بن عباس قال : لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله تعالى لهما : " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " حتى حج وحججت معه وعدل وعدلت معه بإداوة ، فتبرز ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ فقلت له : يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله تعالى لهما : " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " ؟ فقال : واعجبا لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة .
ثم استقبل عمر الحديث يسوقه فقال : إني كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد ، وهي من عوالي المدينة ، وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك .
وكنا معشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصخبت علي امرأتي فراجعتني فأنكرت أن تراجعني فقالت : ولم تنكر أن أراجعك ! فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه ، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل . فأفزعني وقلت : خاب من فعل ذلك منهن .
ثم جمعت علي ثيابي [ فنزلت ] فدخلت على حفصة ، فقلت لها : أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل ؟ قالت : نعم ، فقلت : خبت وخسرت ، أفتأمنين أن يغضب الله تعالى لغضب رسوله فتهلكي لا تستكثري للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه وسليني ما بدا لك ، ولا يغرنك أن كانت [ جارتك ] [ أوضأ ] منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة - .
قال عمر : وكنا تحدثنا أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال : أثم هو ؟
ففزعت فخرجت إليه فقال : قد حدث اليوم أمر عظيم ؟ فقلت : ما هو أجاء غسان ! قال : لا بل أعظم منه وأهول ، طلق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه . فقلت : قد خابت حفصة وخسرت كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون .
فجمعت علي ثيابي وصليت صلاة الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشربة فاعتزل فيها فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي ، فقلت : ما يبكيك ألم أكن حذرتك ؟ أطلقكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟
قالت : لا أدري ها هو ذا معتزل في المشربة . فجئت إلى المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم ، فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد ، فجئت المشربة التي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت لغلام له أسود : استأذن لعمر ، فدخل فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع فقال : كلمت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرتك له فصمت ، فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد فجئت فقلت إلى الغلام فقلت : استأذن فاستأذن ثم رجع إلي فقال : قد ذكرتك له فصمت [ فرجعت فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت : استأذن لعمر ، فاستأذن ثم رجع إلي فقال : قد ذكرتك له فصمت ] .
فلما وليت منصرفا قال إذا الغلام يدعوني فقال : قد أذن لك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئا على وسادة من أدم حشوها ليف ، فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم : يا رسول الله أطلقت نساءك ؟ فرفع إلي بصره فقال : لا ، فقلت : الله أكبر . ثم قلت وأنا قائم أستأنس : يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قلت : يا رسول الله لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لها : لا يغرنك أن كانت جارتك [ أوضأ ] منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة - فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسمة أخرى ، فجلست حين رأيته يبتسم فرفعت بصري في بيته ، فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة ، فقلت يا رسول الله ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم قد وسع عليهم وأعطوا من الدنيا وهم لا يعبدون الله .
فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان متكئا فقال : " أو في هذا أنت يا ابن الخطاب ؟ إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا " .
فقلت : يا رسول الله استغفر لي .
فاعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة تسعا وعشرين ليلة ، وكان قال : ما أنا بداخل عليهن شهرا - من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله - عز وجل -
فلما مضت تسع وعشرون ليلة ، دخل على عائشة رضي الله عنها فبدأ بها فقالت له عائشة : يا رسول الله إنك كنت أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أعدها عدا ! فقال : الشهر تسع وعشرون ، وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة .
قالت عائشة : ثم أنزل الله التخيير فبدأ بي أول امرأة من نسائه ، فاخترته ثم خير نساءه كلهن فقلن مثل ما قالتعائشة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه فبدأ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني ذاكر لك أمرا فلا عليك [ أن لا تعجلي ] حتى تستأمري أبويك ، وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه قالت ثم قال إن الله قال : " يا أيها النبي قل لأزواجك " إلى تمام الآيتين ، فقلت : أو في هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا عمر بن يونس الحنفي ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن سماك [ بن زميل ] حدثنا عبد الله بن عباس ، حدثني عمر بن الخطاب قال : لما اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه وذكر الحديث . وقال : دخلت عليه فقلت : يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء ؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك . وقلما تكلمت - وأحمد الله تعالى - بكلام إلا رجوت أن الله يصدق قولي الذي أقول ، ونزلت هذه الآية : " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن " . " وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " .
قوله : ( وإن تظاهرا عليه ) أي تتظاهرا وتتعاونا على أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - . قرأ أهل الكوفة بتخفيف الظاء ، والآخرون بتشديدها .
( فإن الله هو مولاه ) أي وليه وناصره : ( وجبريل وصالح المؤمنين ) روي عن ابن مسعود وأبي بن كعب : ( وصالح المؤمنين ) أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قال الكلبي : هم المخلصون الذي ليسوا بمنافقين . ( والملائكة بعد ذلك ظهير ) قال مقاتل : بعد الله وجبريل " وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " أي : أعوان للنبي - صلى الله عليه وسلم - . وهذا من الواحد الذي يؤدي عن الجمع ، كقوله : " وحسن أولئك رفيقا " ( النساء - 69 ) .
إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4)

يقول تعالى ذكره: إن تتوبا إلى الله أيتها المرأتان فقد مالت قلوبكما إلى محبة ما كرهه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من اجتنابه جاريته، وتحريمها على نفسه، أو تحريم ما كان له حلالا مما حرّمه على نفسه بسبب حفصة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) يقول: زاغت قلوبكما، يقول: قد أثمت قلوبكما.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مجاهد، قال: كنا نرى أن قوله: ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) شيء هين، حتى سمعت قراءة ابن مسعود ( إن تَتُوبَا إِلى اللهِ فَقَدْ زَاغَتْ قُلُوبُكُمُا ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) : أي مالت قلوبكما.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن قتادة ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) مالت قلوبكما.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) يقول: زاغت.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال: زاغت قلوبكما.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد، قال الله عزّ وجلّ: ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال: سرهما أن يجتنب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جاريته، وذلك لهما موافق ( صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) إلى أن سرّهما ما كره رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وقوله: ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) يقول تعالى ذكره للتي أسرّ إليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حديثه، والتي أفشت إليها حديثه، وهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، اللتين قال الله جلّ ثناؤه: ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال: فحجّ عمر، وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر، وعدلت معه بإداوة، ثم أتاني فسكبت على يده وتوضأ فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اللتان قال الله لهما( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال عمر: واعجباً لك يا بن عباس، قال الزهري: وكره والله ما سأله ولم يكتم، قال: هي حفصة وعائشة؛ قال: ثم أخذ يسوق الحديث، فقال: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة، ثم ذكر الحديث بطوله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن أشهب، عن مالك، عن أَبي النضر، عن عليّ بن حسين، عن ابن عباس، أنه سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن المتظاهرتين على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: عائشة وحفصة.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس يقول: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن المتظاهرتين، فما أجد له موضعًا أسأله فيه، حتى خرج حاجا، وصحبته حتى إذا كان بمرّ الظَّهران ذهب لحاجته، وقال: أدركني بإداوة من ماء؛ فلما قضى حاجته ورجع، أتيته بالإداوة أصبها عليه، فرأيت موضعًا، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان المتظاهرتان على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ فما قضيت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة رضي الله عنهما.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا عمر بن يونس، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: ثنا سماك أَبو زميل، قال: ثني عبد الله بن عباس، قال: ثني عمر بن الخطاب، قال: لما اعتزل نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نساءه، دخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله ما شقّ عليك من شأن النساء، فلئن كنت طلقتهنّ فإن الله معك وملائكته، وجبرائيل وميكائيل، وأنا وأَبو بكر معك، وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام، إلا رجوت أن يكون الله مصدّق قولي، فنـزلت هذه الآية، آية التخيير: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ ، ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ... الآية، وكانت عائشة ابنة أَبي بكر وحفصة تتظاهران على سائر نساء النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) يقول: على معصية النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأذاه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، قال ابن عباس لعمر: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسالك عن أمر وإني لأهابك، قال: لا تهبني، فقال: من اللتان تظاهرتا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ قال: عائشة وحفصة.
وقوله: ( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) يقول: فإن الله هو وليه وناصره، وصالح المؤمنين، وخيار المؤمنين أيضًا مولاه وناصره.
وقيل: عني بصالح المؤمنين في هذا الموضع: أَبو بكر، وعمر رضي الله عنهما.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ بن الحسن الأزدي، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن عبد الوهاب، عن مجاهد، في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: أَبو بكر وعمر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك، في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: خيار المؤمنين أَبو بكر الصدّيق وعمر.
حدثنا إسحاق بن إسرائيل، قال: ثنا الفضل بن موسى السيناني - من قرية بمرو يقال لها سينان - عن عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: أَبو بكر وعمر.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) يقول: خيار المؤمنين.
وقال آخرون: عُنِي بصالح المؤمنين: الأنبياء صلوات الله عليهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هم الأنبياء.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هم الأنبياء.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال الأنبياء.
والصواب من القول في ذلك عندي: أن قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) وإن كان في لفظ واحد، فإنه بمعنى الجميع، وهو بمعنى قوله: إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ فالإنسان وإن كان في لفظ واحد، فإنه بمعنى الجميع، وهو نظير قول الرجل: لا تقْريَنّ إلا قارئ القرآن، يقال: قارئ القرآن، وإن كان في اللفظ واحدًا، فمعناه الجمع، لأنه قد أذن لكل قارئ القرآن أن يقريه، واحدًا كان أو جماعة.
وقوله: ( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) يقول: والملائكة مع جبريل وصالح المؤمنين لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أعوان على من أذاه، وأراد مساءته. والظهير في هذا الموضع بلفظ واحد في معنى جمع. ولو أخرج بلفظ الجميع لقيل: والملائكة بعد ذلك ظهراء.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: وبدأ بصالح المؤمنين ها هنا قبل الملائكة، قال: ( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features