وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)

( وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) أي كالوا لهم أو وزنوا لهم أي للناس يقال : وزنتك حقك وكلتك طعامك أي وزنت لك وكلت لك كما يقال : نصحتك ونصحت لك وكسبتك وكسبت لك .
قال أبو عبيدة : وكان عيسى بن عمر يجعلهما حرفين يقف على " كالوا ووزنوا " ويبتدئ " هم يخسرون " وقال أبو عبيدة : والاختيار الأول يعني : أن كل واحدة كلمة واحدة لأنهم كتبوها بغير ألف ولو كانتا مقطوعتين لكانت : " كالوا [ و ] وزنوا " بالألف كسائر الأفعال مثل جاءوا وقالوا : واتفقت المصاحف على إسقاط الألف ولأنه يقال في اللغة : كلتك ووزنتك كما يقال : كلت لك ووزنت لك . " يخسرون " أي ينقصون قال نافع : كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول : اتق الله وأوف الكيل والوزن فإن المطففين يوقفون يوم القيامة حتى إن العرق ليلجمهم إلى أنصاف آذانهم .
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)

وقوله: ( وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ ) يقول: وإذا هم كالوا للناس أو وزنوا لهم. ومن لغة أهل الحجاز أن يقولوا: وزنتك حقك، وكلتك طعامك، بمعنى: وزنت لك وكلت لك. ومن وجَّه الكلام إلى هذا المعنى جعل الوقف على " هم " ، وجعل " هم " في موضع نصب. وكان عيسى بن عمر فيما ذُكر عنه يجعلهما حرفين، ويقف على كالوا، وعلى وزنوا، ثم يبتدئ هم يخسرون. فمن وجَّه الكلام إلى هذا المعنى جعل " هم " في موضع رفع، وجعل كالوا ووزنوا مكتفيين بأنفسهما.
والصواب في ذلك عندي الوقف على " هم " ، لأن كالوا ووزنوا لو كانا مكتفيين، وكانت هم كلاما مستأنفا، كانت كتابة كالوا ووزنوا بألف فاصلة بينها وبين هم مع كل واحد منهما، إذ كان بذلك جرى الكتاب في نظائر ذلك إذا لم يكن متصلا به شيء من كنايات المفعول، فكتابهم ذلك في هذا الموضع بغير ألف أوضح الدليل على أن قوله: ( هُمْ ) إنما هو كناية أسماء المفعول بهم. فتأويل الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا على ما بيَّنا.
وقوله: ( يُخْسِرُونَ ) يقول: ينقصونهم.
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)

{ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ } أي: إذا أعطوا الناس حقهم، الذي للناس عليهم بكيل أو وزن، { يُخْسِرُونَ } أي: ينقصونهم ذلك، إما بمكيال وميزان ناقصين، أو بعدم ملء المكيال والميزان، أو نحو ذلك. فهذا سرقة [لأموال] الناس ، وعدم إنصاف [لهم] منهم.
وإذا كان هذا الوعيد على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان، فالذي يأخذ أموالهم قهرًا أو سرقة، أولى بهذا الوعيد من المطففين.
ودلت الآية الكريمة، على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في [عموم هذا] الحجج والمقالات، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد [منهما] يحرص على ماله من الحجج، فيجب عليه أيضًا أن يبين ما لخصمه من الحجج [التي لا يعلمها]، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه، وتواضعه من كبره، وعقله من سفهه، نسأل الله التوفيق لكل خير.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features