إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)

( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ) أي يصفون أنفسهم عند القتال صفا ولا يزولون عن أماكنهم ( كأنهم بنيان مرصوص ) قد رص بعضه ببعض [ أي ألزق بعضه ببعض ] وأحكم فليس فيه فرجة ولا خلل . وقيل كالرصاص .
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)

هذا حث من الله لعباده على الجهاد في سبيله وتعليم لهم كيف يصنعون وأنه ينبغي [لهم] أن يصفوا في الجهاد صفا متراصا متساويا، من غير خلل يقع في الصفوف، وتكون صفوفهم على نظام وترتيب به تحصل المساواة بين المجاهدين والتعاضد وإرهاب العدو وتنشيط بعضهم بعضا، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضر القتال، صف أصحابه، ورتبهم في مواقفهم، بحيث لا يحصل اتكال بعضهم على بعض، بل تكون كل طائفة منهم مهتمة بمركزها وقائمة بوظيفتها، وبهذه الطريقة تتم الأعمال ويحصل الكمال.
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)

قوله تعالى : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا أي يصفون صفا : والمفعول مضمر ; أي يصفون أنفسهم صفا .
كأنهم بنيان مرصوص قال الفراء : مرصوص بالرصاص . وقال المبرد : هو من رصصت البناء إذا أمت بينه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة . وقيل : هو من الرصيص وهو انضمام الأسنان بعضها إلى بعض . والتراص التلاصق ; ومنه وتراصوا في الصف . ومعنى الآية : يحب من يثبت في الجهاد في سبيل الله ويلزم مكانه كثبوت البناء . وقال سعيد بن جبير : هذا تعليم من الله تعالى للمؤمنين كيف يكونون عند قتال عدوهم .
الثانية : وقد استدل بعض أهل التأويل بهذا على أن قتال الراجل أفضل من قتال الفارس ، لأن الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة . المهدوي : وذلك غير مستقيم ، لما جاء في فضل الفارس في الأجر والغنيمة . ولا يخرج الفرسان من معنى الآية ; لأن معناه الثبات .
الثالثة : لا يجوز الخروج عن الصف إلا لحاجة تعرض للإنسان ، أو في رسالة يرسلها الإمام ، أو في منفعة تظهر في المقام ، كفرصة تنتهز ولا خلاف فيها . وفي الخروج عن الصف للمبارزة خلاف على قولين أحدهما أنه لا بأس بذلك إرهابا للعدو ، وطلبا للشهادة وتحريضا على القتال . وقال أصحابنا : لا يبرز أحد طالبا لذلك ، لأن فيه رياء وخروجا إلى ما نهى الله عنه من لقاء العدو . وإنما تكون المبارزة إذا طلبها الكافر ; كما كانت في حروب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وفي غزوة خيبر ، وعليه درج السلف . وقد مضى القول مستوفى في هذا في " البقرة " عند قوله تعالى : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features