وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)

( واعلموا أن فيكم رسول الله ) فاتقوا الله أن تقولوا باطلا أو تكذبوه ، فإن الله يخبره ويعرفه أحوالكم فتفتضحوا ( لو يطيعكم ) أي الرسول ( في كثير من الأمر ) مما تخبرونه به فيحكم برأيكم ( لعنتم ) لأثمتم وهلكتم ، والعنت : الإثم والهلاك . ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان ) فجعله أحب الأديان إليكم ( وزينه ) حسنه ( في قلوبكم ) حتى اخترتموه ، وتطيعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وكره إليكم الكفر والفسوق ) قال ابن عباس : يريد الكذب ( والعصيان ) جميع معاصي الله . ثم عاد من الخطاب إلى الخبر ، وقال : ( أولئك هم الراشدون ) المهتدون .
وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)

وله تعالى : واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون
.
قوله تعالى : واعلموا أن فيكم رسول الله فلا تكذبوا ، فإن الله يعلمه أنباءكم فتفتضحون . لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم أي لو تسارع إلى ما أردتم قبل وضوح الأمر لنالكم مشقة وإثم ، فإنه لو قتل القوم الذين سعى بهم الوليد بن عقبة إليه لكان خطأ ، ولعنت من أراد إيقاع الهلاك بأولئك القوم لعداوة كانت بينه وبينهم . ومعنى طاعة الرسول لهم : الائتمار بما يأمر به فيما يبلغونه عن الناس والسماع منهم . والعنت : الإثم ، يقال : عنت الرجل . والعنت أيضا الفجور والزنى ، كما في سورة ( النساء ) والعنت أيضا الوقوع في أمر شاق ، وقد مضى في آخر ( براءة ) القول في عنتم بأكثر من هذا . ولكن الله حبب إليكم الإيمان هذا خطاب للمؤمنين المخلصين الذين لا يكذبون النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يخبرون بالباطل ، أي : جعل الإيمان أحب الأديان إليكم . وزينه بتوفيقه . في قلوبكم أي : حسنه إليكم حتى اخترتموه . وفي هذا رد على القدرية والإمامية وغيرهم ، حسب ما تقدم في غير موضع . فهو سبحانه المنفرد بخلق ذوات الخلق وخلق أفعالهم وصفاتهم واختلاف ألسنتهم وألوانهم ، لا شريك له .
وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان قال ابن عباس : يريد به الكذب خاصة . وقاله ابن زيد . وقيل : كل ما خرج عن الطاعة ، مشتق من فسقت الرطبة خرجت من قشرها . والفأرة من جحرها . وقد مضى في ( البقرة ) القول فيه مستوفى . والعصيان جمع المعاصي . أولئك هم يعني هم الذين وفقهم الله فحبب إليهم الإيمان وكره إليهم الكفر أي : قبحه عندهم ، الراشدون كقوله تعالى : وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون . قال النابغة :
يا دار مية بالعلياء فالسند أقوت وطال عليها سالف الأمد
والرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه ، من الرشاد وهي الصخرة . قال أبو الوازع : كل صخرة رشادة . وأنشد :
وغير مقلد وموشمات صلين الضوء من صم الرشاد
وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)

القول في تأويل قوله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)
يقول تعالى ذكره: لأصحاب نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: واعلموا أيها المؤمنون بالله ورسوله,( أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ) فاتقوا الله أن تقولوا الباطل, وتفتروا الكذب, فإن الله يخبره أخباركم, ويعرّفه أنباءكم, ويقوّمه على الصواب في أموره.
وقوله ( لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ ) يقول تعالى ذكره: لو كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يعمل في الأمور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم ( لَعَنِتُّمْ ) يقول: لنالكم عنت, يعني الشدّة والمشقة في كثير من الأمور بطاعته إياكم لو أطاعكم لأنه كان يخطئ في أفعاله كما لو قبل من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق: إنهم قد ارتدّوا, ومنعوا الصدقة, وجمعوا الجموع لغزو المسلمين, فغزاهم فقتل منهم, وأصاب من دمائهم وأموالهم، كان قد قتل, وقتلتم من لا يحلّ له ولا لكم قتله, وأخذ وأخذتم من المال ما لا يحلّ له ولكم أخذه من أموال قوم مسلمين, فنالكم من الله بذلك عنت ( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ ) بالله ورسوله, فأنتم تطيعون رسول الله, وتأتمون به فيقيكم الله بذلك من العنت ما لو لم تطيعوه وتتبعوه, وكان يطيعكم لنالكم وأصابكم.
وقوله ( وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) يقول: وحسن الإيمان في قلوبكم فآمنتم ( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ ) بالله ( وَالْفُسُوقَ ) يعني الكذب,( وَالْعِصْيَانَ ) يعني ركوب ما نهى الله عنه في خلاف أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وتضييع ما أمر الله به ( أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ) يقول: هؤلاء الذين حبَّب الله إليهم الإيمان, وزيَّنه في قلوبهم, وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون السالكون طريق الحق.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features