يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)

( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا ) قرأ الأعمش وحمزة : " أنظرونا " بفتح الهمزة وكسر الظاء يعني أمهلونا . وقيل انتظرونا . وقرأ الآخرون بحذف الألف في الوصل وضمها في الابتداء وضم الظاء ، تقول العرب : انظرني وأنظرني ، يعني انتظرني . ( نقتبس من نوركم ) نستضيء من نوركم ، وذلك أن الله تعالى يعطي المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ، ويعطي المنافقين أيضا نورا خديعة لهم ، وهو قوله - عز وجل - " وهو خادعهم " ( النساء - 141 ) فبينا هم يمشون إذ بعث الله عليهم ريحا وظلمة فأطفأت نور المنافقين ، فذلك قوله : " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا " ( التحريم - 8 ) مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين . وقال الكلبي : بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين ، ولا يعطون النور ، فإذا سبقهم المؤمنون وبقوا في الظلمة قالوا للمؤمنين ، انظرونا نقتبس من نوركم
( قيل ارجعوا وراءكم ) قال ابن عباس : يقول لهم المؤمنون وقال قتادة : تقول لهم الملائكة : ارجعوا وراءكم من حيث جئتم
( فالتمسوا نورا ) فاطلبوا هناك لأنفسكم نورا فإنه لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا ، فيرجعون في طلب النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم ليلقوهم فيميز بينهم وبين المؤمنين ، وهو قوله : ( فضرب بينهم بسور ) أي سور ، و " الباء " صلة يعني بين المؤمنين والمنافقين وهو حائط بين الجنة والنار ( له ) أي لذلك السور ( باب باطنه فيه الرحمة ) أي في باطن ذلك السور الرحمة وهي الجنة ( وظاهره ) أي خارج ذلك السور ( من قبله ) أي من قبل ذلك الظاهر ( العذاب ) وهو النار .
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)

قوله تعالى : يوم يقول المنافقون العامل في " يوم " ذلك هو الفوز العظيم . وقيل : هو بدل من اليوم الأول . انظرونا نقتبس قراءة العامة بوصل الألف مضمومة الظاء من نظر ، والنظر الانتظار أي : انتظرونا . وقرأ الأعمش وحمزة ويحيى بن وثاب " أنظرونا " بقطع الألف وكسر الظاء من الإنظار . أي : أمهلونا وأخرونا ، أنظرته أخرته ، واستنظرته أي : استمهلته . وقال الفراء : تقول العرب : أنظرني : انتظرني ، وأنشد لعمرو بن كلثوم :
أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا
أي : انتظرنا .
نقتبس من نوركم أي : نستضيء من نوركم . قال ابن عباس وأبو أمامة : يغشى الناس يوم القيامة ظلمة - قال الماوردي : أظنها بعد فصل القضاء - ثم يعطون نورا يمشون فيه . قال المفسرون : يعطي الله المؤمنين نورا يوم القيامة على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ، ويعطي المنافقين أيضا نورا خديعة لهم ، دليله قوله تعالى : وهو خادعهم . وقيل : إنما يعطون النور ، لأن جميعهم أهل دعوة دون الكافر ، ثم يسلب المنافق نوره لنفاقه ؛ قاله ابن عباس . وقال أبو أمامة : يعطى المؤمن النور ويترك الكافر والمنافق بلا نور . وقال الكلبي : بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور ، فبينما هم يمشون إذ بعث الله فيهم ريحا وظلمة فأطفأ بذلك نور المنافقين ، فذلك قوله تعالى : ربنا أتمم لنا نورنا يقوله المؤمنون ، خشية أن يسلبوه كما سلبه المنافقون ، فإذا بقي المنافقون في الظلمة لا يبصرون مواضع أقدامهم قالوا للمؤمنين : انظرونا نقتبس من نوركم .
قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا أي : قالت لهم الملائكة " ارجعوا " . وقيل : بل هو قول المؤمنين لهم ارجعوا وراءكم إلى الموضع الذي أخذنا منه النور فاطلبوا هنالك لأنفسكم نورا فإنكم لا تقتبسون من نورنا . فلما رجعوا وانعزلوا في طلب النور فضرب بينهم بسور وقيل : أي : هلا طلبتم النور من الدنيا بأن تؤمنوا . بسور أي : سور ، والباء صلة ؛ قاله الكسائي . والسور حاجز بين الجنة والنار . وروي أن ذلك السور ببيت المقدس عند موضع يعرف بوادي جهنم . باطنه فيه الرحمة يعني ما يلي منه المؤمنين وظاهره من قبله العذاب يعني ما يلي المنافقين . قال كعب الأحبار : هو الباب الذي ببيت المقدس المعروف بباب الرحمة . وقال عبد الله بن عمرو : إنه سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد وظاهره من قبله العذاب يعني جهنم . ونحوه عن ابن عباس . وقال زياد بن أبي سوادة : قام عبادة بن الصامت على سور بيت المقدس الشرقي فبكى ، وقال : من هاهنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم . وقال قتادة : هو حائط بين الجنة والنار باطنه فيه الرحمة يعني الجنة وظاهره من قبله العذاب يعني جهنم . وقال مجاهد : إنه حجاب كما في ( الأعراف ) وقد مضى القول فيه .
وقد قيل : إن الرحمة التي في باطنه نور المؤمنين ، والعذاب الذي في ظاهره ظلمة المنافقين .
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)

فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون به وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين، قالوا للمؤمنين: { انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ } أي: أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، فـ { قِيلَ } لهم: { ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } أي: إن كان ذلك ممكنا، والحال أن ذلك غير ممكن، بل هو من المحالات، { فَضُرِبَ } بين المؤمنين والمنافقين { بِسُورٍ } أي: حائط منيع، وحصن حصين، { لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ } وهو الذي يلي المؤمنين { وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ } وهو الذي يلي المنافقين، فينادي المنافقون المؤمنين،
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features