وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1)
القول في تأويل قوله تعالى : وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)
يقول تعالى ذكره: الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها للذين يُطَففون، يعني: للذين ينقصون الناس، ويبخسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء، وأصل ذلك من الشيء الطفيف، وهو القليل النـزر، والمطفِّف: المقلِّل حقّ صاحب الحقّ عما له من الوفاء والتمام في كيل أو وزن؛ ومنه قيل للقوم الذي يكونون سواء في حسبة أو عدد: هم سواء كطَفّ الصاع، يعني بذلك: كقرب الممتلئ منه ناقص عن الملء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن ضِرار، عن عبد الله، قال: قال له رجل: يا أبا عبد الرحمن إن أهل المدينة ليوفون الكيل، قال: وما يمنعهم من أن يوفوا الكيل، وقد قال الله: ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) حتى بلغ: ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: " لما قَدِم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة، كانوا من أخبث الناس كيلا فأنـزل الله: ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) فأحسنوا الكيل " .
حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثنا سلم بن قتيبة، عن قسام الصيرفي، عن عكرمة قال: أشهد أن كلّ كيال ووزّان في النار، فقيل له في ذلك، فقال: إنه ليس منهم أحد يزن كما يتزن (2) ولا يكيل كما يكتال، وقد قال الله: ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) .
------------------------
الهوامش:
(2) يتزن : أي يأخذ الشيء لنفسه وزنا .