لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ ۚ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)
قوله: ( لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) يقول تعالى ذكره: لا يدعونكم أرحامكم وقراباتكم وأولادكم إلى الكفر بالله، واتخاذ أعدائه أولياء تلقون إليهم بالمودّة، فإنه لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم عند الله يوم القيامة، فتدفع عنكم عذاب الله يومئذ، إن أنتم عصيتموه في الدنيا، وكفرتم به.
وقوله: ( يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: يفصل ربكم أيها المؤمنون بينكم يوم القيامة بأن يدخل أهل طاعته الجنة، وأهل معاصية والكفر به النار.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة ومكة والبصرة: ( يُفْصَلُ بَيْنَكُم ) بضم الياء وتخفيف الصاد وفتحها، على ما لم يسمّ فاعله.
وقرأه عامة قرّاء الكوفة خلا عاصم بضم الياء وتشديد الصاد وكسرها (2) بمعنى: يفصل الله بينكم أيها القوم. وقرأه عاصم بفتح الياء وتخفيف الصاد وكسرها، بمعنى يفصل الله بينكم. وقرأ بعض قرّاء الشام ( يُفَصلُ ) بضم الياء وفتح الصاد وتشديدها على وجه ما لم يسم فاعله.
وهذه القراءات متقاربات المعانى صحيحات في الإعراب، فبأيتها قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: ( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) يقول جلّ ثناؤه: والله بأعمالكم أيها الناس ذو علم وبصر، لا يخفى عليه منها شيء، هو بجميعها محيط، وهو مجازيكم بها إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشرّ، فاتقوا الله في أنفُسكم واحذروه.