فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ (9)
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)
يقول تعالى ذكره: ثم دنا جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى إليه, وهذا من المؤخِّر الذي معناه القديم, وإنما هو: ثم تدلى فدنا, ولكنه حسن تقديم قوله ( دَنَا ) , إذ كان الدنوّ يدلّ على التدلي والتدلي على الدنوّ, كما يقال: زارني فلان فأحسن, وأحسن إليّ فزارني وشتمني فأساء, وأساء فشتمني لأن الإساءة هي الشتم: والشتم هو الإساءة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ) قال: جبريل عليه السلام .
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ) يعني: جبريل.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ) قال: هو جبريل عليه السلام .
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم دنا الربّ من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا يحيى بن الأمويّ, قال: ثنا أبي, قال: ثنا محمد بن عمرو, عن أبي سَلَمة, عن ابن عباس ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ) قال: دنا ربه فتدلّى.
حدثنا الربيع, قال: ثنا ابن وهب, عن سليمان بن بلال, عن شريك بن أبي نمر, قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه عرج جبرائيل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة, ثم علا به بما لا يعلمه إلا الله, حتى جاء سدرة المنتهى, ودنا الجبار ربّ العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى, فأوحى الله إليه ما شاء, فأوحى الله إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كلّ يوم وليلة, وذكر الحديث " .