وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)
وقوله ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك يا محمد إلى خلقنا إلا رحمة لمن أرسلناك إليه من خلقي.
ثم اختلف أهل التأويل في معنى هذه الآية ، أجميع العالم الذي أرسل إليهم محمد أريد بها مؤمنهم وكافرهم؟ أم أريد بها أهل الإيمان خاصة دون أهل الكفر؟ فقال بعضهم: عني بها جميع العالم المؤمن والكافر.
ذكر من قال ذلك: حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن المسعودي ، عن رجل يقال له سعيد ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، في قول الله في كتابه ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) قال: من آمن بالله واليوم الآخر كُتب له الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن بالله ورسوله ، عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن المسعودي ، عن أبي سعيد ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، في قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) قال: تمت الرحمة لمن آمن به في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن به عوفي مما أصاب الأمم قبل.
وقال آخرون: بل أريد بها أهل الإيمان دون أهل الكفر.
*ذكر من قال ذلك: حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) قال: العالمون: من آمن به وصدّقه ، قال وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قال: فهو لهؤلاء فتنة ولهؤلاء رحمة ، وقد جاء الأمر مجملا رحمة للعالمين ، والعالمون ههنا: من آمن به وصدّقه وأطاعه.
وأولى القولين في ذلك بالصواب .القول الذي رُوي عن ابن عباس ، وهو أن الله أرسل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع العالم ، مؤمنهم وكافرهم . فأما مؤمنهم فإن الله هداه به ، وأدخله بالإيمان به ، وبالعمل بما جاء من عند الله الجنة. وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينـزل بالأمم المكذّبة رسلها من قبله.