إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
قوله تعالى : إن في ذلك لذكرى أي فيما ذكرناه في هذه السورة تذكرة وموعظة لمن كان له قلب أي عقل يتدبر به ; فكنى بالقلب عن العقل لأنه موضعه ; قال معناه مجاهد وغيره . وقيل : لمن كان له حياة ونفس مميزة ، فعبر عن النفس الحية بالقلب ; لأنه وطنها ومعدن حياتها ; كما قال امرؤ القيس : أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل وفي التنزيل : لينذر من كان حيا . وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان ; قلب محتش بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من الأمور الآخرة لم يدر ما يصنع ، وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة حتى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة . أو ألقى السمع أي : استمع القرآن . تقول العرب : ألق إلي سمعك أي : استمع . وقد مضى في " طه " كيفية الاستماع وثمرته .
وهو شهيد أي شاهد القلب ; قال الزجاج : أي قلبه حاضر فيما يسمع . وقال سفيان : أي لا يكون حاضرا وقلبه غائب . ثم قيل : الآية لأهل الكتاب ; قاله مجاهد وقتادة . وقال الحسن : إنها في اليهود والنصارى خاصة . وقال محمد بن كعب وأبو صالح : إنها في أهل القرآن خاصة .