أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)
قوله تعالى : أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم هذا جواب لقولهم لولا أنزل عليه آيات من ربه أي أولم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المعجز الذي قد تحديتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه فعجزوا ، ولو أتيتهم بآيات موسى وعيسى لقالوا : سحر ونحن لا نعرف السحر ; والكلام مقدور لهم ومع ذلك عجزوا عن المعارضة .
وقيل : إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بكتف فيه كتاب فقال كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم فأنزل الله تعالى : أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب أخرجه أبو محمد الدارمي في مسنده وذكره أهل التفسير في كتبهم . وفي مثل هذا قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : لو كان موسى بن عمران حيا لما وسعه إلا اتباعي وفي مثله قال صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن أي يستغني به عن غيره . وهذا تأويل البخاري رحمه الله في الآية . وإذا كان لقاء ربه بكل حرف عشر حسنات فأكثر على ما ذكرناه في مقدمة الكتاب ; فالرغبة عنه إلى غيره ضلال وخسران وغبن ونقصان ( إن في ذلك ) أي في القرآن ( لرحمة ) في الدنيا والآخرة . وقيل : رحمة في الدنيا باستنفاذهم من الضلالة . ( وذكرى ) في الدنيا بإرشادهم به إلى الحق ( لقوم يؤمنون ) .