إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)

ثم استثنى شعر المؤمنين : حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وكعب بن زهير ومن كان على طريقهم من القول الحق ; فقال إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا في كلامهم . وانتصروا من بعد ما ظلموا وإنما يكون الانتصار بالحق ، وبما حده الله عز وجل ، فإن تجاوز ذلك فقد انتصر بالباطل . وقال أبو الحسن المبرد . لما نزلت : " والشعراء " جاء حسان وكعب بن مالك وابن رواحة يبكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ; فقالوا : يا نبي الله ! أنزل الله تعالى هذه الآية ، وهو تعالى يعلم أنا شعراء ؟ فقال : اقرءوا ما بعدها إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات - الآية - أنتم وانتصروا من بعد ما ظلموا أنتم أي بالرد على المشركين . قال النبي صلى الله عليه وسلم : انتصروا ولا تقولوا إلا حقا ولا تذكروا الآباء والأمهات فقال حسان لأبي سفيان :
هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
وإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
أتشتمه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء
لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدره الدلاء
وقال كعب يا رسول الله ! إن الله قد أنزل في الشعر ما قد علمت فكيف ترى فيه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن يجاهد بنفسه وسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل . وقال كعب :
جاءت سخينة كي تغالب ربها وليغلبن مغالب الغلاب
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد مدحك الله يا كعب في قولك هذا . وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى : والشعراء يتبعهم الغاوون منسوخ بقوله : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . قال المهدوي : وفي الصحيح عن ابن عباس أنه استثناء . وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون في هذا تهديد لمن انتصر بظلم قال شريح سيعلم الظالمون كيف يخلصون من بين يدي الله عز وجل ; فالظالم ينتظر العقاب ، والمظلوم ينتظر النصرة . وقرأ ابن عباس : ( أي منفلت ينفلتون ) بالفاء والتاء ومعناهما واحد ذكره الثعلبي . ومعنى : أي منقلب ينقلبون أي مصير يصيرون وأي مرجع يرجعون ; لأن مصيرهم إلى النار ، وهو أقبح مصير ، ومرجعهم إلى العقاب وهو شر مرجع . والفرق بين المنقلب والمرجع أن المنقلب الانتقال إلى ضد ما هو فيه ، والمرجع العود من حال هو فيها إلى حال كان عليها فصار كل مرجع منقلبا ، وليس كل منقلب مرجعا ; والله أعلم ; ذكره الماوردي . و ( أي ) منصوب ب ( ينقلبون ) وهو بمعنى المصدر ، ولا يجوز أن يكون منصوبا ب ( سيعلم ) لأن " أيا " وسائر أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها فيما ذكر النحويون ; قال النحاس : وحقيقة القول في ذلك أن الاستفهام معنى وما قبله معنى آخر فلو عمل فيه ما قبله لدخل بعض المعاني في بعض .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features