وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101)
( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) يعني : أن الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه ، فإن آيات الله تنزل على رسوله ليلا ونهارا ، وهو يتلوها عليكم ويبلغها إليكم ، وهذا كقوله تعالى : ( وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ) [ الحديد : 8 ] والآية بعدها . وكما جاء في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ " قالوا : الملائكة . قال : " وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم ؟! " وذكروا الأنبياء قال : " وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ " قالوا : فنحن . قال : " وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟! " قالوا : فأي الناس أعجب إيمانا ؟ قال : " قوم يجيئون من بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " . وقد ذكرت سند هذا الحديث والكلام عليه في أول شرح البخاري ، ولله الحمد .
ثم قال تعالى : ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) أي : ومع هذا فالاعتصام بالله والتوكل عليه هو العمدة في الهداية ، والعدة في مباعدة الغواية ، والوسيلة إلى الرشاد وطريق السداد وحصول المراد .