قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)
ومعنى قول إبراهيم لأبيه : ( سلام عليك ) يعني : أما أنا فلا ينالك مني مكروه ولا أذى ، وذلك لحرمة الأبوة ، ( سأستغفر لك ربي ) أي : ولكن سأسأل الله تعالى فيك أن يهديك ويغفر ذنبك ، ( إنه كان بي حفيا ) قال ابن عباس وغيره : لطيفا ، أي : في أن هداني لعبادته والإخلاص له . وقال مجاهد وقتادة ، وغيرهما : ( إنه كان بي حفيا ) قال : وعوده الإجابة .
وقال السدي : " الحفي " : الذي يهتم بأمره .
وقد استغفر إبراهيم لأبيه مدة طويلة ، وبعد أن هاجر إلى الشام وبنى المسجد الحرام ، وبعد أن ولد له إسماعيل وإسحاق ، عليهما السلام ، في قوله : ( ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) [ إبراهيم : 41 ] .
وقد استغفر المسلمون لقراباتهم وأهليهم من المشركين في ابتداء الإسلام ، وذلك اقتداء بإبراهيم الخليل في ذلك حتى أنزل الله تعالى : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ) الآية الممتحنة : 4 ، يعني إلا في هذا القول ، فلا تتأسوا به . ثم بين تعالى أن إبراهيم أقلع عن ذلك ، ورجع عنه ، فقال تعالى : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) [ التوبة : 113 ، 114 ] .